مذكرات قنديل : اختلفت مع مبارك فأقالنى من وزارة البترول ( الحلقة العاشرة )
شاركت فى رفع العلم المصرى على حقولنا البترولية عند تحريرها من العدو الصهيونى وتألمتُ عندما عاصرت من جهل التاريخ فأوقف الاحتفال بعيد البترول الذى هو ذكراها.
تسربت معلومات عن تغيير وزارى فاتصلت بـ «رمزى الليثى» وهنأته بالوزارة، فقال: بل أنت إن شاء الله
وفيق زغلول حقق نجاحًا فى «بتروتريد» و«عمرو مصطفى» نجح فى هيئة البترول والإسكندرية و«آموك»
لم يكن هناك مانع من وضع شاب صغير بموقع «رئيس شركة»
توليت رئاسة «هيئة البترول» وعمرى 45 سنة و"وبّخت" مندوب السعودية فى سوميد
أطلقت اسماء قيادات البترول السابقة على الحقول مثل "هلال" و"نسيم" و"البدرى" وتجاهلونى من جائوا بعدى!
تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.
والى تفاصيل الحلقة العاشرة والتى يكشف فيها «عبد الهادى قنديل» عن مشاعره بعدما ألغت الوزارة احتفالات عيد البترول وهى ذكرى استرداد حقولنا بسيناء ورفع العلم المصرى عليها ، وعن الساعات التى سبقت تعيينه وزيرا للبترول حيث يكشف عن أنه تسربت معلومات عن تغيير وزارى فاتصلت بـ «رمزى الليثى» وهنأته بالوزارة، فقال: بل أنت إن شاء الله ، وأنا وأنت واحد ، كما يكشف عن سبب توبيخه لمندوب السعودية فى شركة "سوميد" ، وأسرار أخرى .
يقول «قنديل»: « بعدما اختلفتُ مع الرئيس الأسبق «مبارك» وأقالنى، اتصل بي الدكتور «عاطف صدقي» رئيس مجلس الوزراء، وسألنى عن القطاع وعن العناصر البشرية به، فأبلغته أن الوزارة تستطيع أن تسير بالدفع الذاتى 5 سنوات، بما لديها من قيادات شبابية، وبعدها أنا غير مسئول».
متابعاً: «كان معى اثنان من الشباب فى المكتب، هما: وفيق زغلول - عليه رحمة الله - وعمرو مصطفى، قلت لهما: ليست مسئوليتكما الرد على التليفونات، ولكن عليكما أن تقرآ تأشيراتى على كل القرارات والمذكرات والمكاتبات، وأن تتعلما كيفية إدارة شئون الهيئة والوزارة - حيث كنت أتولى موقع رئيس الهيئة مع موقعي كوزير لعدة سنوات - وعليكما أن تتعاملا مع كل المواقف والتوصل إلى حلول. وكلاهما حقق نجاحًا فى إدارة ما أسند إليه من مسئوليات فيما بعد.
الأول أدار العمل الإدارى، وحقق نجاحًا فى شركة «بتروتريد» والوزارة، و«عمرو مصطفى» نجح فى إدارة منظومة عمليات هيئة البترول وشركة الإسكندرية للبترول، ثم حقق نجاحًا كبيرًا فى شركة «آموك»، وجعلها من أكبر الشركات وأكثرها ربحية. كما أن الصفوف حتى الخامس أصبحوا رؤساء شركات، ومنهم وزراء حققوا للقطاع الكثير، ومنهم من يتولى رئاسة شركات حتى الآن.
ومن خرج للمعاش التقطتهم الشركات الأجنبية؛ للعمل بها وتحقيق مكاسب من خلالهم».
ويستكمل «قنديل» ذكرياته عن تربية كوادر وأجيال بترولية واعدة، قائلاً: «كنتُ أستطيع أن أتحدى الدنيا بأولادى فى قطاع البترول؛ لأن المثل يقول: إذا أردت أن تكون عملاقًا، فلا بد أن تعمل مع عمالقة، وليس مع عناصر ضعيفة.. وكنت أصر على اختيار كل من يعمل معى من العناصر المتميزة، وتركت القطاع وبه مجموعة كبيرة جميعهم يصلحون لتولى المواقع الوزارية»، مردفاً: «من أسرار سعادتى دائمًا أننى استطعتُ أن أختار قيادات تمكنت من إدارة العمل بكفاءة».
ويشدد «قنديل» على أن «الخطأ الكبير هو المجاملة. وأنا لم أجامل أحدًا نهائيًّا، فإذا أخطأ أى من القيادات أو الموظفين، يتم تنبيهه، وإذا تكرر الخطأ، أستبعده فورًا، وفى المقابل من يحسن كنت أمنحه ترقية، ولا أربط الأعمار بإسناد المسئوليات.
كما كان القطاع يراعى وجود كل الفئات العمرية، فكنت أطبق نظام متوسط الأعمار، وهى فكرة «أحمد عز الدين هلال»، وذلك بأن نجمع أعمار كل العاملين، وتُقسَّم على عددهم، وهو نظام اسمه «إفرج إيدج»؛ لأن وجود اثنين من كبار السن فى شركة يؤثر على العناصر الشبابية ويؤخر الترقيات، وهو ما يؤثر على الانتماء للمكان.
ولم يكن هناك مانع من أن يوضع شاب صغير فى موقع «رئيس شركة»، فأنا توليت رئاسة «الهيئة العامة للبترول»، وكان عمرى 45 سنة، وقال لى «أحمد عز الدين هلال» يومها إن أعضاء مجلس الإدارة اقتربوا من المعاش، وقال: أحذرك من أن يكون لديك عقدة أنك أصغر منهم سنًّا».
إنهم يجهلون التاريخ
إلغاء الاحتفال بـ«عيد البترول» كان له وقعٌ سيئ على نفس «عبد الهادى قنديل»، حيث يروى: «تألمتُ لقيام أحد الوزارة مؤخرًا بإلغاء الاحتفال بعيد البترول، وسألت أحد المسئولين: ماذا تعرف عن عيد البترول الذى ألغيتموه؟ فقال: لا أعرف، فقلت له: يا بنى هذه هى الذكرى المهمة التى دخلنا فيها سيناء بعد تحريرها، وتم استرداد حقول البترول، ورفعنا العلم المصرى عليها.. وكان «أحمد عز الدين هلال» ورمزى الليثى وأنا ومحافظ سيناء وقتها فى الانسحاب الأول، ثم الانسحاب من العريش ورأس محمد».
مضيفاً بنبرة بائسة: «والآن.. أسقطوا العيد من الذاكرة، و«عيد البترول» هو يوم مهم؛ لأنه يرتبط بتكريم أناس خدموا القطاع، وبتكريمهم يظل للذكرى فى نفوس العاملين معنى التضحيات والتفوق.
كان يتم دعوتنا أنا و«أحمد عز الدين هلال» وكل من بعدنا؛ حتى يتم ربط الأجيال الجديدة بالقديمة؛ ليتعرفوا على ما قدموه من أعمال. حتى معارض البترول والاحتفالات كان «أحمد عز الدين هلال» هو من يقصُّ الشريط عندما كنتُ ومِن بعدى «حمدى البنبى» فى الوزارة.
وعندما ذهبنا إلى حقول شركة «عجيبة» لتدشين الناقلة الكبيرة «القاهرة»، التى اشتريناها، وافتتحها «عز الدين هلال»، رفضنا أنا و«هلال» اقتراحاً بأن يُطلق عليها اسم «مبارك»؛ لأن الأسماء لا تُطلق إلا على قيادات رحلوا أو أحيلوا للتقاعد، وكنت أطلق أسماء القيادات المُحالة للتقاعد ومن لهم دور معروف فى تاريخ القطاع على حقول البترول، فمثلاً هناك حقول بأسماء: «هلال»، «نسيم»، «البدرى»، «يونس» وغيرهم.. لماذا؟ لأنه شرف أن نضع أسماء هؤلاء العمالقة على هذه الأعمال، ولكن لم يطلق أحد اسمى بعد تقاعدى. أنا لستُ حزينًا لذلك، بل أشعر بالرضا لأننى أديت ما علىّ من واجب، وبنهاية عملى بالوزارة انتهى كل شىء، ويكفى ما كنت أحرص عليه من مبادئ ومُثل عليا.
كنتُ قد خرجت من الوزارة وقد مر من عمرى 56 سنة، منها 7 سنوات وزيرًا، حيث توليت أمر الوزارة منذ 1984 حتى 1991»!!
هل استقال «رمزى الليثى»؟ سؤال كنتُ طرحته على الكيميائى «عبد الهادى قنديل»، خاصة أن «الليثى» كان من أصحاب الأفكار التى حققت لقطاع البترول الكثير والكثير، فأجابنى «قنديل»: «الليثى لم يستقل، ولكنه ترك الهيئة، وذهب إلى سوميد، وحصل على وسام».
ويحكى «قنديل» موقفًا كاشفًا حدث بين الدكتور «رمزى الليثى» والشركاء العرب قائلاً: «ذات يوم تجمع كل الشركاء العرب فى «سوميد»، وأعلنوا اعتراضهم على «رمزى الليثى»، وكان ذلك وقت المقاطعة، وأرسلنى «أحمد عز الدين هلال» إلى «سوميد»؛ لأحضر الجمعية العمومية، وفى نفس الوقت أكون مساندًا لـ«الليثى» صدًّا لهجمة مندوب السعودية فى الشركة، وعلى ما أظن كان اسمه «الزمزمى»، الذى بادر مهاجماً: هل استشرتمونا قبل أن تعينوا الليثى؟ فقلت: أولاً: لماذا نستشيركم؟ ثانيًا: إنه لشرف لكم جميعًا أن تكونوا أعضاء فى شركة تحت رئاسة الدكتور «رمزى الليثى»؛ فهو من أكفأ قيادات البترول، وهو رئيس هيئتها السابق، وثالثًا: لماذا نسألكم أو نستشيركم فى اختيار رئيس مجلس إدارة شركة سوميد وهو حق أصيل لقطاع البترول المصرى ونحن نمتلك 50% من سوميد ولنا الرئاسة؟ وقلت مُنهيًا الجدل: رئيس سوميد مصرى، ونحن من نعينه، ولن نقبل استشارتكم فيه، ثم وجهتُ سؤالاً لمندوب السعودية: أنت تمثل الحكومة السعودية، هل استشارتنى دولتك فى تعيينك رغم أنكم لا تمتلكون من الشركة ما نمتلكه؟ واستكملت: قبلتُك كما أنت. فلم يستطع أن يرد أو يعقب، وطلبت من الدكتور «رمزى الليثى» الانتقال إلى باقى جدول أعمال المجلس»!
«كان «الليثى» من الشخصيات المُحببة إلى قلب كل من يعرفه، مع أنه كان يمنع عنا المكافآت من شركة «سوميد» تعففاً، رغم أنها من حقنا، حيث كنا أعضاء بمجلس إدارة سوميد، وعندما تم تعيينى رئيسًا للهيئة العامة للبترول، رفضت شَغل موقع عضو مجلس إدارة لشركة سوميد، رغم أن المتعارف عليه أن يكون رئيس الهيئة عضوًا بمجلس إدارتها»، بحسب «قنديل» الذى أردف:
«وبعدها بأعوام قليلة، وتحديدًاً فى سنة 1984 تسربت معلومات عن تغيير وزارى، وكان الترشيح يدور بينى وبين «رمزى الليثى»، فبادرتُ بالاتصال به، وكان فى الإسكندرية، حيث يتولى رئاسة شركة «سوميد»، وهنأته بالوزارة، وقلت له: يسعدنى أن تأتى وزيرًا للبترول، فقال: بل أنت إن شاء الله، قلت: لا فرق بينى وبينك.
ولما أعلن التشكيل وأنا فيه، جددتُ لـ«رمزى الليثى» عندما بلغ سن التقاعد، لمدة سنتين فى «سوميد»؛ لأنه كان من أكفأ من تولوا رئاسة مجلس إدارتها، كما جددتُ لـ«عبد الحميد أبو بكر» 5 سنوات، وجددتُ لـ«أمير رياض» فى شركة الطيران، حتى تمت إقالته فى زمن «سامح فهمى»، ولا أعرف السبب، علمًا بأن «أمير رياض» من أكفأ من ترأسوا شركة الطيران، كما أنه هو من أسسها»!
إقرأ فى الحلقة الحادية عشر
هذه قصة إنشاء أول شركة لـ «طيران البترول» حتى أصبحنا نملك 27 طائرة
محافظ الجيزة أمر بالقبض على المهندسين الذين يوصلون الغاز للمنازل
كنا نستأجر خدمات شركة طيران أجنبية فى نقل العاملين إلى حقول البترول البعيدة
شركة «إير أمريكا» وافقت على المشاركة بـ 3 طائرات بأسعار منخفضة كـ«عربون» صداقة
أقلتُ رئيس «سوكو» لأنه كان يريد أن يستمر فى التعامل مع شركة الطيران الأجنبى
«أحمد كامل البدرى» التقطنى وقال: «الولد ده سوف يكون رئيس هيئة البترول يوم ما»
كنت أقدِّر من يقول لى: «لا» فى وجهى طالما أن قرارى غير صحيح